المسيح قام! حقًّا قام!
لقد أَشْرَقَتْ علينا أنوارُ القيامةِ المجيدة،
وبقيامة ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح اسْتَنَرْنَا جميعنا،
وتبدَّدَتْ غياهِبُ جهلِنَا الرُّوحِيّ، ولم نَعُدْ من سكّان القبور،
لأنّنا قُمْنَا بقيامة الرَّبّ، وأصبحنا مستَوْطِنِينَ الملكوتَ السّماويّ،
لأنَّ الرَّبَّ يسوع قد حَطَّمَ الموت بموته ووهب الحياة للَّذِين في القبور.
بعد أن أَنْهَيْنَا الصَّوم الأربعينيّ المقدَّس،
وارتضى اللهُ أن نقف، بعونه، في يوم فصحه العظيم،
نسأله أن تَثْبُتَ محبَّتُه فينا، ويحملنا معه في نَصْرِه،
ويعلِّمنا أن نعمل ما يرضيه دائمًا.
الفصح في عمقه ومداه، ليس عيدًا محصورًا في تاريخ محدَّد،
إنّه تَقَبُّل خلاصِ الله، وإطاعته باستمرار،
والعيش معه وبقربه دائمًا، لا أن نكون بعيدين عنه،
وأن نصالِحَ السَّماء فلا نكون من بعد أَسْرَى الأرض وشهواتها.
هل يجوز لنا أن نعود إلى الظُّلمة بعد أن أَبْصَرْنَا نور القيامة؟!...
أعمى البصر لا يرى النُّور بعينه المُجَرَّدَة،
ولكنَّه يرى ببصيرته الرَّبَّ قائمًا من بين الأموات،
وهذا أيضًا لا يعيش في الظَّلام، بل يرتقي إلى العلاء
لأنّ نفسَه تذوَّقَتْ حلاوة قيامة الرَّبّ. النّاس كلّهم مدعوُّون
ليتذوَّقُوا هذه الحلاوة، إلَّا الَّذين أعمى الجهلُ أبصارَهُم وقلوبَهُم،
"فَلَهُمْ عيون ولا يبصرون، ولهم آذان ولا يسمعون".
فإنّنا نَضْرَعُ إلى الله لئلَّا نكون منهم، وأن نكون من أبناء النُّور
وليس من أبناء الظُّلمة، لأنَّ النُّور يضيء تلقائيًّا ويُظْهِرُ نفسه بنفسه.
وهذا النُّور الَّذي منه يخرج نور النّاس، قد أضاء ولا يزال يضيء.
إنَّ الكلمة الأزليّ، وهو الله، يضيء ظلمة الضَّمير الطّبيعيّ.
ومع أنَّ البشر صاروا ظلمة بالسُّقوط، إلَّا أنّ "معرفة الله ظاهرة فيهم"
(رومية 1: 19 و20).
إنَّ نور الطَّبيعة هو هذا النُّور الَّذي يضيء في الظُّلمة.
كلّ البشريّة تُحِسُّ إحساسًا فِطْرِيًّا بشيء من قوَّة الكلمة الإلهيّ،
كخالقٍ ومدبِّرٍ، ولولا هذا لصارَتِ الأرضُ جحيمًا،
مكان ظلمة كامِلَة، وشكرًا لله لأنَّها لم تَصِرْ هكذا.
لقد احْتَفَلْنَا بعيد القيامة المجيدة، فكيف نَعِي هذه القيامة ونطلبها،
ونسعى إلى أن ترتَسِمَ بركاتُها على وجوه كلّ إخوتنا في المسيح
الّذين يريد الرّبّ أن يتجلّى لتفرح قلوبهم به، وتنتصر على كلّ ما يعيق قيامها؟!.
فإن كانت أعمالنا ترضي الرّبّ، القائم من بين الأموات، نكون قد قمنا معه،
وإلّا نبقى ثاوِينَ في عالم القبور.
لقد حلّ عيد الفصح، فهل سنُعَيِّد اليوم وغدًا للرّبّ القائم من بين الأموات،
أم أننا سنعيِّد كلّ يوم عيد القيامة وباستمرار،
لنكون من أبناء القيامة الدّائمة والمُتَجَدِّدَة بما نعمل ونقول،
وساعتها يحقّ لنا أن نصرخ بصدق:
"المسيح قام! حقًّا قام!