خدعة الحب من أول نظرة
+++++++++++++++
هناك عبارة تقول: نحن نُحب أشباه الأشخاص الذين أحببناهم من قبل، ونكره أشباه الذين كرهناهم من قبل، فالذي يحدث هو الآتي:
عندما تولد طفلة تبدأ في اللعب عادة مع الإخوة والأقارب، الذين يتميّز كل منهم بصفات وأشكال مختلفة، ونظراً لتعلّقها بطفل صغير مثلها، فهي تُحب لون الشعر الأصفر، إحدى سمات هذا الطفل نتيجة حُبَّها البريء له.
ثم تكبر الطفلة فتنفتح على الجيران، وإذا بطفل يعطف عليها ويقاسمها لعبه وطعامه، فتُحبّه، وتُحب لون عينيه، وعندما تدخل المدرسة تعجب بزميلها المتفوق ذي البشرة البيضاء، ويستمر هذا الإعجاب سواء كان الإعجاب بالملامح أو الصفات..
إلى أن تصل الفتاة إلى سن المراهقة، وتدخل الكلية، وهناك تتقابل مع شخص يحمل نفس صفات الأشخاص الذين أحبتهم الفتاة من قبل: البشرة البيضاء، العينين الخضراوين، الشعر الأصفر.. فتُحب هذا الشخص، لا لشخصه، بل للصفات التي أحبَّتها في الآخرين من قبله، ثم بعد قليل تكتشف أنَّه ليس فتى الأحلام الذي تبحث عنه، فالحبيب يحمل نفس الصفات التي أحبَّتها في غيره، لكنه لا يحمل نفس شخصياتهم، ولا أخلاقهم، ولا تفوّقهم، ولا شيء مما كانت تتمناه..!
إنَّ هذا الحُب أشبه بالخدعة السينمائية، التي تُظهر لنا الأبطال على غير حقيقتهم، فقد تُحِب فتاة ممثلاً، لا لشخصه وإنَّما لدور كان قد مثله، فإن تسرَّعت وتزوجته وجدته شخصاً آخر، وهو هكذا حقاً لأنَّ الممثل شئ والدور الذي يمثله شيء آخر! ولهذا فإن الحُب الحقيقي يستلزم ثلاث مراحل ألا وهى:
+ النظرة التي من خلالها يُدرك الإنسان أبعاد الصورة التي أمامه بكل ملامحها.
+ التطابق ما بين هذه الصورة التي يراها أمامه، والصورة التي يرغبها أو يبحث عنها في وجدانه، وهذا التطابق يتم في مراكز المخ العصبية، ويحتاج إلى وقت، فربَّما تُعجب بفتاة لأنَّها تُشبه والدتك، وهنا تكون الكارثة لو أنَّك تزوجتها، لأنَّ هذا ما يُعرف في علم النفس بالعقدة الأوديبية!
+ ظهور علامات الحُب على الإنسان، حيث تزداد دقات القلب، وتحمر العينان، ويتلعثم اللسان.. عند رؤية الطرف الآخر.
إذن فالحُب الحقيقيّ يبدأ في مراكز المخ العصبية، وهو يحتاج لعدة مراحل، وهذه المراحل تحتاج إلى فترة زمنية، ولا يمكن أن تتم من النظرة الأولى كما يتوهم البعض.