من أقوال القديس مكاريوس الكبير
أن كل نفس تحب الرب تكبلها الشياطين الردية التي تحاربها
ولا تدعها تتقدم نحو المسيح المحيي، وهذا يحدث بموافقة وسماح من الله.
إنه في الواقع يجربها كيما يرى إن كانت تحب سيدها حقاً،
وإن كانت تثبت في كلامه رغم العذابات المؤلمة، وإن كانت لا تنكره بتكاسلها
- برفض أتعاب الطريق والهروب من الحرب ضد الأرواح الشريرة
- أو بالأولى إن كانت تظل صالحة وهي باقية حتى خلال السنوات الطويلة
وهي هدفاً لتجارب الشر، بل تثابر للرب بكل ثبات، معتبرة إنه حتى إن كان قد أهملها،
فلأنه حسبها غير جديرة بأية معونة. وإذ يرى الرب شجاعة النفس وصبرها في التجارب،
وإنها تخرج مزكاة من التجربة، يظهر لها بصلاحه، ويستعلن هو نفسه
ويضيئها ببهاء لا مثيل له من نوره،
ويدعوها إليه. يقول لها : "قومي يا حبيبتي يا جميلتي وتعالي" (نش 2).
وهي من جانبها تركض للقائه، وتعاتبه قائلة:
"لماذا يارب تركتني هكذا طويلاً لمثل هذا الألم ولتعييرات أعدائي؟
وإذ كنت أطلبك وجدني حرس الليل الطائف بالمدينة وضايقوني (نش 5)"
ولكن الرب المفعم بنور باهر يجيبها مقوياً ومشجعاً بهذه الأقوال:
"إنك على صواب، تعالي في سلام، يا صديقتي، الجميلة جداً، يا حمامتي" (نش 2)
والرب يعاتب النفس ويريها آثار المسامير ويقول لها:
"انظري علامات المسامير، انظري الجلدات، انظري البصاق، انظري الجروح،
هذه كلها تألمتُ بها من أجلكِ،
(أنتِ التي جُرحتِ بجراحات عديدة، وجُربتِ من قبل عدد كبير من الأعداء).
لأني بمحبتي للبشر جئتُ أطلبكِ وأُحرِّركِ، لأني منذ البدء جبلتكِ على صورتي،
وخلقتكِ لتكوني عروساً لي.
قاسيت الآلام من أجلك، واحتملت تعييرات لا تحصى من أجل فدائك أنا الذي أعلو عن التعيير.
أما كان ينبغي أن تتألمي من أجل خيرك وصالحك؟"
وإذ يتعاتب ويتحادث بهدوء هكذا مع النفس، يبيِّن لها أنه حتى قوة احتمال الآلام نفسها هو الذي يهبها لها،
وهو الذي يقويها في تجربها ويشجعها خفية. . .
الرب قريب منا، لنطلبه بقلب مُخلِص.
القديس مكاريوس الكبير