الإفخارستيا في اللاهوت الآبائي
سر الشكر - الإفخارستيا - القربان المقدس
نفس التسمية للعشاء الأخير للرب وتلاميذه
ولما كانت الساعة اتكأ والاثنا عشر رسولا معه وقال لهم:
«شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم لأني أقول لكم:
إني لا آكل منه بعد حتى يكمل في ملكوت الله».
ثم تناول كأسا وشكر وقال: «خذوا هذه واقتسموها بينكم لأني أقول لكم:
إني لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله».
وأخذ خبزا وشكر وكسر وأعطاهم قائلا: «هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم.
اصنعوا هذا لذكري». وكذلك الكأس أيضا بعد العشاء قائلا:
«هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم.
ولكن هوذا يد الذي يسلمني هي معي على المائدة.
وابن الإنسان ماض كما هو محتوم ولكن ويل لذلك الإنسان الذي يسلمه».
فابتدأوا يتساءلون فيما بينهم:
«من ترى منهم هو المزمع أن يفعل هذا؟». لوقا 22 :
يستوقفني اليوم رغبة بتسليط الضوء على الرؤية الكنسية لهذا العشاء الرباني ،
وكيف تناول آباء الكنيسة ومعلموها من القرون الأولى هذه المسألة ،
ومعنى وصية المخلص " اصنعوا هذا لذكري "...
اعتاد اليهود بحسب الطقس الموسوي أن يأكلوا الفصح وهم واقفون (خر 12: 11)،
إذ يذكرهم بالانطلاق السريع من العبودية التي عاشها آباؤهم في مصر،
لأنه لم يكن للعبد حق الجلوس في حضرة سادته بل يقف ليخدم.
أمّا السيد إذ قدّم لنا الفصح الجديد اتكأ ومعه الرسلليُعلن انتقالنا إلى حالة
"المجد"وانتهاء زمن الظلال والرموز. فصحه عبور إلى الحياة السماوية،
لكي نتكئ معه في حضن أبيه، وننعم بشركة أمجاده.
كانت عادة اليهود في طقس الفصح أن تُستخدم ثلاث كؤوس، لذا يرى البعض أن الكأس الأولى
التي اعطاها الرب لهم ليقتسموها بينهم هنا إنما هي أحد كؤوس الطقس اليهودي او " العهد العتيق "،
أمّا الثانية فهي كأس العهد الجديد، التي جاءت ليس ككأس بركة عامة،
وإنما تقدست لتصير دم السيد المسيح المبذول. الأولى تشير للعهد القديم،
والثانية تقدم لنا سرّ العهد الجديد.
أمّا قوله: "اصنعوا هذا لذكري" فإن "الذكرى" هنا في اللغة الأصلية اليونانية
"أنامنسينαναμνησιν" لا تعني مجرد التذكر لأمر نتطلع إليه غائبًا عنّا،
بل إعادة دعوته أو تمثيله في معنى فعّال "
تترجم للإنكليزية بمعنى again وللفرنسية encore " .
الأنامنسيس هنا يعني تذكر المسيح المصلوب القائم من الأموات،
أو تذكر ذبيحته لا كحدثٍ ماضٍ،
بل تقديم ذبيحة حقيقية حاضرة وعاملة، أي ذكرى فعّالة متكررة.