ولادته
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وُلد هذا الأب القديس فى قرية دير تاسا مركز البداري محافظة اسيوط عام 1848م في أسرة مسيحية تقية ... وقد عنى والداه بتربيته تربية دينية حقة ونشأ على مطالعة الكتاب المقدس وحفظ المزامير والتراتيل ... وتعلم فى كُتّاب القرية كما هي عادة هذا الوقت ونشأ فى احضان الكنيسة وترعرع على محبتها الخالصة
رهبنته
وعندما أصبح عمره 22 عاما اشتاقت روحه الوثّابة المتطلعة نحو حياة الكمال فى الرهبنة وحياة الملائكة الأرضيين فمضى إلى دير السيدة العذراء المحرق وترهبن فى سنة 1870م باسم الراهب ميخائيل المحرقي متتلمذًا على يد القمص بولس الدلجاوى - الأنبا ابرآم أسقف الفيوم) وقد ترهبن معه فى ذلك الوقت عدد 40 راهبًا مما يؤكد مدى رعاية القمص بولس ( الأنبا ابرآم ) للرهبنة .. وهكذا بدأ الراهب ميخائيل المحرقي حياته الرهبانية تحت رعاية أب ساهر يعرف أصول الرهبنة الحقيقية ..
وفى عام 1875 انتدبه البابا كيرلس الخامس ليعلم الرهبان الجدد بدير البراموس ببرية شيهيت وقد رقاه قسًا ... ثم ترقى قمصًا عام 1879.
وفى نفس العام شغر كرسي إسنا والأقصر بوفاة مطرانه فأختار البابا كيرلس الخامس الراهب القمص ميخائيل المحرقي وقام بسيامته أسقفًا باسم الأنبا مرقس .. وكان يفتقد كل إنسان من رعيته وعاش حياته متواضعًا وناسكًا بتولاً طاهرًا فوصل إلى درجة روحانية عالية جدًا .. وقد ترقى مطرانا فى سنة 1897 م.
وقد عُرف عنه أنه كان ينقطع في خلوات روحية للصلاة بغير انقطاع من الليل حتى الصباح ويتلو سفر المزامير كله يوميًا وكان يتم له الاختطاف بالعقل، ثم أحيانا الاختطاف بالجسد فقد حدث أنه اختطف بجسده وهو فى غرفته لزيارة كنيسة القيامة بالقدس والقبر المقدس وقد حكى نيافته بعدها تفاصيل دقيقة عن المزارات والشوارع المحيطة بكنيسة القيامة التي لا يعرفها إلا من ذهب هناك بالفعل... كما أنه رأى روح معلمه الأنبا ابرام اسقف الفيوم فى يوم رحيله إلى عالم الخلود.
يتحدث مع إيليا النبي في خلوته
وفي خلواته الروحية كان يزروه بعض القديسين الذين رقدوا ويتحدثون معه ويجلسون يتحدثون بعظائم الله وكان يراهم ويلمسهم .. فما أعجب أعمال الله فى قديسيه .. وكان يتحدث بقوة وجرأة إيليا النبي ويوحنا المعمدان فكان جميع شعبه يهابونه ويخشونه من كبيرهم لصغيرهم ومن فقيرهم لغنيهم ...
مواقف مشهودة
ليتك كنت قرابني
كان للأنبا مرقس جرأة غير عادية فى تعاملاته مع الناس .. فعندما تم إبعاد البابا كيرلس الخامس بسبب تدخل المجلس الملي فى الشئون الدينية توجه الأنبا مرقس إلى بطرس باشا غالي رئيس الوزراء فى ذلك الوقت وطالبه بالعمل على إعادة البابا كيرلس فورًا فى عبارات شديدة اللهجة فقال الباشا "لست قرابنى عندك حتى تكلمنى بهذه اللهجة .. فرد عليه قديسنا قائلاً "إن القرابني هو احد أعمدة الكنيسة فالعمل فى الكنيسة يقوم على خدمة الذبيحة وإذا تلاشت خدمة القرابني فأنه لا تقوم خدمة القداس الالهي لاحتياجه إلى القربان ... فليتك كنت قرابني حتى تكون لك هذه المكانة ... فصمت الباشا ولم ينطق بكلمة .. وحدث أنه التقى بعد ذلك بأحد أعيان الأقصر فقال له "إنى أهنئ الاقصر على مطرانها الشجاع الذي يُجبر الانسان على احترامه"
أيهما أفضل وصل الأمانة أم ابنك؟؟
حضر أحد الفقراء إلى الأنبا مرقس يشتكي له من أحد الأغنياء الذي كتب وصْل أمانة على هذا الفقير لاقتراضه منه مبلغ 100 جنيه وعندما قام الفقير بتسديد المبلغ رفض الغني إعطائه الوصل .. فأرسل القديس إلى الغني وقال له أعطِ وصل الأمانة لصاحبه فقال الرجل "لا يمكن أن أعطيه له مهما كلفني الأمر"... فقال الأنبا مرقس "أيهما أفضل لك .. الوصل أم ابنك ؟ اختار لك حلاً من الاتنين ... فارتعب الرجل الغني وارتجف وقال : الوصل .. الوصل هديله الوصل .. فقد فهم هذا الغني معنى كلام القديس أنه إن لم يطيعه فسوف يدفع الثمن غاليًا وهو فقْد ابنه .. فالجميع كانوا يعلمون من هو الأنبا مرقس وأن الكلمة التي تخرج من فمه تكون من الروح القدس ..
الرب يحِل وِسْطك.
كانت هناك امرأة حاضرة صلاة القداس الذي يقيمه الأنبا مرقس فى الأقصر وكانت كثيرة الكلام وحدث أن القديس أشار لها بالصمت ولكنها لم تصمت فأشار لها مرة ثانية وثالثة فأستمرت في الكلام والشوشرة على المُصلين .. فغضب القديس منها وصرخ فيها قائلا "الرب يحِل وِسْطك .. ففي الحال صارت مشلولة"
ليكن بيتك خرابًا
كان هناك رجل من كبار أعيان مدينة إسنا أعماه الشيطان وأنساه أنه يقف أمام قديس عظيم له دالة كبيرة لدى الرب فكان يريد أن يمد يده على قديسنا الأنبا مرقس .. فشخص القديس فى وجهه ونطق بما أعطاه الروح القدس أن يقول فنطق قائلاً "ليكن بيتك خرابًا ... وكأنها نبوءة خرجت من فم القديس فقد أصبح بيت ذلك الرجل خرابًا إلى هذا اليوم خاليًا من الناس .. تسكن فيه الحشرات والبوم ...
روح جاك فقع عينك
شكى البعض للأنبا مرقس من بعض الشبان الذين يقفون فى فناء الكنيسة ينظرون على الداخلات والخارجات من السيدات والشابات فاستمع لدعواهم وخرج معهم فوجد بعضًا من الشبان انتهرهم فخجلوا ومضوا بعيدًا .. ماعدا واحد منهم استمر واقفًا ينظر للفتيات والسيدات بنظرة شهوانية فأمسكه القديس وقال له "الرب يقول بيتي بيت الصلاة .. فكيف لا تخاف الله وتصنع هذه القباحة ... روح جاك فقع عينك .. ففقد الشاب عينه فى الحال وسال من عينه السائل الذي يملأ المقلتين ..
ليس الغرض من سرد هذه الوقائع أن الرب ينتقم من هؤلاء الناس .. ولكن الغرض منها هو تأكيد الاحترام الواجب لقديسيه الذين منحهم الله السلطان الكهنوتي ... وبالتأكيد أن القديس قد أنذر هؤلاء الأشخاص أكثر من مرة ولما لم يستمعوا لكلامه جازاهم الرب بحسب أعمالهم .. كما أن العقاب يأتي من الله أولاً وليس القديس إلا متمِّم لإرادته السماوية ..
كان من عادة الأنبا مرقس أن لا يرسم كاهنا إلا بعد أن يرى له رؤيا أو يرى علامات تدل على أن هذا الشخص مدعو من الله للكرامة الكهنوتية كما كان نيافته لا يقبل الوساطات أو التزكيات إلا بعد أن يتأكد أن هذا الشخص قد أختاره الله أولاً .. ولذلك فقد عرف شعب ايبارشيته المعنى الحقيقى للرعاية الأبوية السليمة ..
معجزات القديس
ارتفاع ماء البئر
أثناء بناء إحدى كنائس الايبارشية وكان القائمون بالبناء يعتمدون على مياه أحد الآبار في عملهم .. جفَّت البئر فجأة فأخبروا الأنبا مرقس بذلك الذي حضر على الفور وعند وصوله قال لهم أحضروا لي كوب ماء ... وبعد الصلاة عليه سكبه فى البئر ففي الحال ارتفعت المياه فيه إلى أعلى من منسوبها المعتاد وعاد العمل بسرعة ببركة صلوات القديس الأنبا مرقس ..
سيبه يحترق بالنار
وحدث أنه أثناء بناء هذه الكنيسة أن الأنبا مرقس جهز لها كثيرًا من الطوب والأخشاب ولكن عند حضوره ذات مرة لم يجد الأخشاب والطوب لأنها سُرقت فحزن جدًا وقرر الرجوع إلى الأقصر .. وعند ركوبه الدابة التى كانت تقله سقط حذائه على الأرض وعندما حاول تلميذه أن يعيده له رد القديس قائلا "سيبه يحترق بالنار" .. ففي الحال احترق الحذاء امام أعين الحاضرين ، فلما عرف اهل البلدة ذلك أسرعوا إلى إرجاع ما أخذوه خوفًا من غضب القديس الذى كلمته مسموعة لدى الرب .
استقيمي يا مبروكة
كان القديس يزور إحدى قرى مركز نجع حمادي وكان يمكث كلما نزل هذه القرية فى بيت أحد المؤمنين كان لديه نخلة تطرح بلحًا حلو المذاق ... وفي سنة من السنين ذهب الأنبا مرقس بيت هذا الرجل وأكل من البلح كعادته كل سنة... فقال له الرجل "دي آخر سنة تأكل من البلح من النخلة دي يا سيدنا عشان أنا هقطعها .. فاستفسر منه القديس عن السبب الذى يدعوه لقطعها ... فأجابه الرجل بسبب أنها مالت نحو كرم للعنب يمتلكه الرجل وهو يخشى أن تسقط على الكرم وتتلفه وهذا الكرم كلف الرجل الكثير ... فذهب القديس إلى النخلة وقال لها وهو يشير بيده "استقيمي يا مبروكة" .. ووسط ذهول الحاضرين استقامت النخلة ووقفت فى مكانها لينقذها القديس من القطع ...
لم يمُت الولد
كان أحد الاطفال صاعدا على سلم احد كنائس مطرانية الاقصر ولما كان سقف الكنيسة عروقا بلا غطاء من الاخشاب فقد انزلقت قدماه وسقط من ارتفاع كبير فارتبك العمال لهذا المنظر وحملوا الطفل إلى والده وكان كاهنًا.. وكان هذا الأب فى هذه اللحظة يجلس مع الأنبا مرقس في فناء الكنيسة .. وقد ظن الجميع أن الولد قد مات ... فأخذه والده وحمله على ذراعيه بإيمان أكيد ووضعه أمام القديس الأنبا مرقس الذي لما رآه قال "لم يمُت الولد" ... وطلب كوب ماء وصلى عليه ثم قام برشم الطفل ثلاث مرات .. ففي الحال قام الطفل وكأنه لم يحدث له أي شيء .. ومجد الجميع الله في شخص قديسه الأنبا مرقس ...
نجِّيه يا عدرا
أثناء بياض منارة كنيسة العذراء بالأقصر حدث أن سقط الرجل المبيِّض من على السقالة وفي لحظة سقوطه شاهده الأنبا مرقس فصرخ بصوت عالٍ "نجيه يا عدرا .. نجيه يا عدرا" وفعلاً ظل الرجل فى سقوطه يترنح كأنه مرتديًا مظلة هبوط حتى نزل على كوم رمل أسفل المنارة دون أن يمسه سوء أو أذى ..
النخلة تميل له حتى يقطف منها
استضاف أحد الكهنة القديس الأنبا مرقس فى بيته وقدم له طبقًا من الفاكهة وكان بالطبق بلح حلو المذاق فأعجب به قديسنا .. فقال له الكاهن أن النخلة التي تطرح هذا البلح موجودة بحديقة منزله فطلب الأنبا مرقس أن يشاهد هذه النخلة ويقطف من ثمرها بيده ففرح الأب الكاهن لذلك جدًا .. وعندما وصلوا إلى هذه النخلة كانت المفاجأة أمام الجميع أن النخلة أخذت تميل وتنحني أمام الأنبا مرقس حتى اخذ من ثمرها بيده رغم ارتفاعها وعلوها.... إن سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ .
رن الجرس حزايني
كان الأنبا مرقس مريضًا في يوم 10 يونيو سنة 1914 وراقدًا على أريكة بسيطة بالمطرانية .. وفجأة استدعى تلميذه وطلب منه أن يدق الجرس حزايني .. ولكن التلميذ لم يرنه .. فاستدعاه مرة أخرى وقال له "انت ليه مش عايز ترن الجرس .. دى الأرض متزلزلة" وعندما قال هذه العبارة نظر إلى السماء وصاح قائلا : السلام لك يا قديس الله .. السلام لروحك يا أنبا ابرام ... فتعجب تلميذه من هذا الكلام وذهب ليرن الجرس كما طلب المطران الجليل .. وأثناء ذهابه قابله عامل التلغراف وأعطاه تلغرافًا يفيد بنياحة الأنبا ابرام أسقف الفيوم ... فأدرك التلميذ أن سيده قد رأى روح القديس الأنبا ابرام وهي صاعدة إلى السماء .
يأتي بعدى من هو أفضل مني غير أنه قليل الأيام
قبل نياحة الأنبا مرقس بوقت قصير تنبأ نيافته عمن سيخلفه على الكرسي فى إيبارشية الأقصر وهو القديس الأنبا باسيليوس مطران الاقصر) .. فقد قال الأنبا مرقس : سوف يأتي بعدى من هو أفضل مني الذي هو ملاك وليس إنسانًا غير أنه قليل الأيام ... وتم هذا بالفعل حيث لم يبقَ الأنبا باسيليوس غير 11 عامًا فقط مطرانًا على إيبارشية الأقصر ..
نياحته
وبعد جهاد كبير وحياة روحانية مليئة بالطهارة والقداسة .. وبعد أن جلس على كرسي الأقصر 56 سنة كان فيها مثلاً أعلى في الأمانة والتقوى والبر والقداسة والطهارة ... تنيح الحبر الجليل الأنبا مرقس مطران إسنا والأقصر في يوم 25 فبراير عام 1934م بالغًا من العمر 86 عامًا .. ودُفن جثمانه الطاهر فى كنيسة العذراء بالأقصر ...
حاللنا يا سيدنا الأنبا مرقس دا أخوك الأنبا باسيليوس عايز يرقد بجوارك
عندما تنيح الأنبا باسيليوس خليفة الأنبا مرقس على كرسي إيبارشية الأقصر وبعد الصلاة على جثمانه الطاهر أراد الآباء وضع جسده بجوار جسد الأنبا مرقس .. ولما كان جسد الأنبا مرقس موضوعًا على قضيبين من حديد مثبتين فى الحائط على مستوى عالٍ من الأرض وفي حيز ضيق لا يسع إلا لصندوق واحد فقط ولا يوجد مكان يسمح بوضع صندوق الأنبا باسيليوس ولم يتمكن أحد من ذلك أبدًا .. فارتفع صوت أحد الآباء المطارنة المشتركين فى تشييع جنازة الأنبا باسيليوس ونادى قائلاً "حاللنا يا سيدنا الأنبا مرقس دا أخوك الأنبا باسيليوس عايز يرقد بجوارك ... وفي الحال وأمام العيون الذاهلة تحرك الصندوق الذي يحوي جسد الأنبا مرقس من مكانه بسهولة وبدون معاناة بمقدار يسمح لوضع صندوق الأنبا باسيليوس بجواره بالضبط ... ولما كشفوا عن جسده فى هذه اللحظة وجدوه سليمًا كاملاً لم يعتريه أي فساد رغم مرور ثلاثة عشر سنة على نياحته ...
صلاته تكون معنا أمين